السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد يستغرب البعض منكم عودتي المفاجئة للمنتدى وطرحي لموضوع جديد مع انني اعلنت
سابقا عن قراري الغياب لفترة الله وحده يعلم مداها، هل ستكون طويلة أم قصيرة نظرا
لظروف طارئة ومستجدة، ولإزالة ذلك الاستغراب واللبس الكامن وراء سر عودتي المؤقتة،
احيطكم علما بالسبب الذي حفزني على ان تنسج اناملي هذه الكلمات النابعة من قلب يعتصر
الما وحزنا جراء موقف مر معي اليوم أحببت أن اشاطركم فيه، على الاقل أخفف من وقع
ووطأة الجرح العميق الذي أحدث شرخا عميق الهوة في قلبي. فاليوم وانا خارج من البيت،
صدفة وانا ألمح فتاة في مقتبل العمر تقترب وتدنو مني وهي حاملة بين ذراعيها كيسا، وفي
نفس الوقت تطلب مني التوقف لبرهة، وطبعا بحكم اخلاقي وشيمي النبيلة ما كان مني الا أن
لبيت رغبتها واستقبلتها بابتسامة عريضة وبادب جم. المهم بدأت تعرض علي البضاعة
المتواجدة داخل الكيس وهي تطلق عبارات الثناء على تلك البضاعة، كل ذلك لحملي على
الاعجاب بها وتقدير اهميتها، وبالتالي تشجيعي على شرائها. صراحة احسست باحراج
كبير لان تلك البضاعة لم تعجبني، مما حدا بي أن ابتسم واعتذر منها بمنتهى الادب كوني
لن اشتريها، وللاسف لاحظت سمات الحزن بادية على محياها كون بضاعتها لم تلق
استحسانا من طرفي، ومن شدة تاثري بالموقف، بمجرد ان انصرفت بدأت ادعو لها
في سري بالخير وان تجد عملا افضل يغنيها من عناء العمل مع الشركة التي توزع على
امثالها البضاعة مقابل اخذ نسبة ضئيلة من الارباح، ولحظتها فقط ومض في مخيلتي الواقع
المغربي المرير الذي يجبر أمثال تلك الفتاة على البحث عن عمل كيفما كان من اجل لقمة
العيش، ومن اجل الحصول على مصروف يومي ولو كان ضئيلا تسد به حاجياتها في زمن
طغت عليه المادة التي اصبحت هي اللغة التي يتعامل بها الناس. للاشارة، تلك الفتاة هي
ليست من مدينتي الحسيمة وانما من مدينة اخرى، لكن مع ذلك وبحكم تضامن الشعب
المغربي، فانني تعاطفت معها ومع من يعيش نفس اوضاعها، ودعوت في قرارة نفسي لكل
مغربي ومغربية يعانيان من شبح البطالة، سواء كانت ظاهرة أو مقنعة تتمثل في الأعمال
البسيطة التي تدر دريهمات لا تغني ولا تسمن من جوع. واستغل هذه المناسبة لأحيي كل
فتاة فضلت أن تعمل عملا شريفا كيفما كان بدافع الفقر، واحترمها كون أنها بدل أن تبيع
جسدها وتدنس شرفها، فانها رضيت بالقليل من المال الحلال الذي تجنيه من العمل
الشريف، مع انه كان بامكانها الحصول على أموال باهضة عن طريق الحرام المتمثل في
الانحراف واللجوء الى بيوت الدعارة. في الأخير اعتذر لكم سلفا عن عدم تمكني من
التعقيب على الردود كما عودتكم دائما نظرا لأن عودتي للمنتدى كما ذكرت آنفا هي عودة
مؤقتة، وذلك حتى يتسنى لي أن احكي لكم موقفا كان له اثر جسيم على وجداني.
الى اللقاء على أمل العودة اليكم قريبا باذن الله.